إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
شرح سنن الترمذي
51802 مشاهدة print word pdf
line-top
باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح

باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن عروة وعن عروة عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال. وكانت عائشة تستحب أن يبنى بنسائها في شوال .
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث الثوري عن إسماعيل بن أمية .


ذكروا أن بعض العرب كانوا يكرهون النكاح في شوال؛ لأنه قبل الأشهر الحرم؛ فلذلك خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فعقد على عائشة فيه، وبنى بها –يعني- دخل بها فيه بعد ثلاث سنين في شوال فحظيت عنده؛ كانت أحظى نسائه عنده، وكانت أحبهن إليه وأقربهن منه مكانة.
فلذلك رأت عائشة أن هذا لمخالفة المشركين ونحوهم، أو أن هذا على وجه الاستحباب؛ فاستحبت أن يبنى بنسائها في هذا الشهر.
والصحيح أنه ليس لشهر شوال مزية على غيره؛ ولكن أراد بذلك قطع العادة الجاهلية؛ فيجوز في شوال ويجوز في ذي القعدة، ويجوز في أية شهر وأية وقت مناسب يكون البناء ويكون العقد، ولا يكره في زمن من الأزمان.
وما كان أيضا عند أهل الجاهلية من كراهة السفر في صفر وكذا النكاح، وكذلك المعاقدات ونحوها، ويتشاءمون من شهر صفر هذا أيضا لا حقيقة له؛ فالأشهر كلها عند الله سواء، ولا يجوز لأحد أن يعتقد في شهر من الأشهر أو في سنة من السنين أنها تؤثر أو أنها تضر أو أنها تفيد أو تؤثر بنفسها؛ فإن هذا اعتقاد الجاهليين الذين يسبون الدهر، وفي الحديث القدسي : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر .
فلا يجوز أن تسب الأيام ولا الأشهر، ولا يقال: هذا شهر مشئوم، وهذا يوم مشئوم ونحو ذلك. إنما الأيام خلق الله –تعالى- وإذا وقع في شهر أو في يوم عذاب أو موت أو نكبة أو نحو ذلك فليس ذلك بشؤم اليوم؛ وإنما هو من شؤم أهله الذين عملوا فيه هذه الأعمال.
وعلى هذا لا يعتقد في شهر أنه مشئوم ولا أنه ميمون خاصة إلا الأشهر التي فضلت بنص شرعي، تفضل فيها الأعمال كرمضان، وعشر ذي الحجة وما أشبهها.
أسئـلة
س: يقول عن عائشة وكانت عائشة تستحب أن يبنى بنسائها في شوال. ألا يكون هذا يا شيخ مستندا أنه يستحب الزواج في شوال استنادا لقول عائشة ؟
قد يقال: هل النبي -صلى الله عليه وسلم- خص شوال لأجل بركته، أو خصه لأجل قطع العادة الجاهلية؟ والراجح أنه خصه لقطع العادة الجاهلية، ولعلها فعلت ذلك لهذا الأمر؛ أنها تريد أن يعرف الناس أن ابتعادهم عن العقد والبناء من هذا الشهر لا أصل له، فأرادت أن يكثر الذين يبنون بزوجاتهم فيه حتى تنقطع العادة الجاهلية، لعل هذا هو الأقرب.
جزاك الله خيرا.

line-bottom